شكراااااااااااا تحياتي
2 مشترك
بحث حول مراحل تطور الامشاج
بنت عز ماتنهز سوفيه- عدد المساهمات : 97
نقاط : 327
تاريخ التسجيل : 29/09/2009
العمر : 28
الموقع : الوادي حي الشهداء
- مساهمة رقم 1
رد: بحث حول مراحل تطور الامشاج
سوفيه- Admin
- عدد المساهمات : 66
نقاط : 269
تاريخ التسجيل : 24/09/2009
العمر : 28
الموقع : حي الشهداء
- مساهمة رقم 2
بحث حول مراحل تطور الامشاج
[b]يقول الله تعالى مبينًا مراحل التطور الجنيني:
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ¤ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ¤ ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [سورة المؤمنون13-14]
والمرحلة الأولى التي ستكون موضوع بحثنا من هذه المراحل هي مرحلة النطفة
النطفة” لغوياً هي القليل من الماء أو قطرة الماء ، وهذا يطابق ماء الرجل الذي يحوي الحيوانات المنوية كجزء منه . والحيوان المنوي ينسل من الماء المهين (المني) وشكل الحيوان المنوي (النطفة) كالسمكة الطويلة الذيل (وهذا أحد معاني لفظة سلالة)
. يقول تعالى ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ) (السجدة :7-8) .
ويشير إلى ذلك ما رواه أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (مر يهودي برسول الله وهو يحدث أصحابه فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شئ لا يعلمه إلا نبي، قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد مم يخلق الإنسان ؟ فقال رسول الله يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة)
ويبدأ مصطلح النطفة من المنوي والبييضة وينتهي بطور الحرث (الانغراس)، وتمر النطفة خلال تكونها بالأطوار التالية
أولاً: الماء الدافق:
يخرج ماء الرجل متدفقًا ويشير إلى هذا التدفق قوله تعالى: (فلينظر الإنسان مم خلق ¤ خلق من ماء دافق) ( الطارق 5،6)
ومما يلفت النظر أن القرآن يسند التدفق للماء نفسه مما يشير إلى أن للماء قوة دفق ذاتية وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب
كل حوين له رأس بيضوي بارز قليلاً وجسم قصير وذيل متحرك له القدرة على الحركة التي تساعده على الوصول إلى مكان الإخصاب.
وقد أثبت العلم أيضا أن ماء المرأة الذي يحمل البييضة يخرج متدفقًا إلى قناة الرحم (فالوب)وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتي يتم الإخصاب
ومن المعلوم أن ماء الرجل مادة (البرستاجلاندين)، التي تحدث تقلصات في الرحم مما يساعد في نقل المنويات إلى موقع الإخصاب
كما أن ماء المرأة يحوي بالإضافة إلى البييضة عناصر أخرى تساعد وتشارك في عملية الإخصاب ومنها بعض الإنزيمات التي تفرزها بطانة الرحم وقناته، التي تجعل المنوي قادرا على الإخصاب وذلك بإزالة البروتين السكري من رأسه وتعمل هذه الأنزيمات بالإضافة إلى ذلك على إطلاق الخلايا المحيطة بالبييضة وكشف غشائها الواقي أمام المنوي
وبما أن لفظ نطفة بمعنى الكمية القليلة من السائل، فإن هذا المصطلح يغطي ويصف تلك الكميات من السوائل التي تخرج متدفقة لدى كل من الذكر والأنثى.
ثانياً: السلالة:
يأتي لفظ سلالة في اللغة بمعان منها انتزاع الشئ وإخراجه في رفق ، كما تعني أيضًا السمكة الطويلة. أما الماء المهين فالمراد به هنا ( أي في طور السلالة ) ماء الرجل.
وإذا نظرنا إلى السائل المنوي فسنجده سلالة تستخلص من ماء الرجل وعلى شكل السمكة الطويلة، ويستخرج برفق من الماء المهين
بييضة محاطة بالحوينات المنوية التي تندفع بنشاط نحوها،وعندما يفلح إحداها في إحداث الإخصاب يكون قد اختير وتبدأ بذلك مرحلة السلالة من النطفة
ويشير القرآن الكريم إلى ذلك كله في قوله تعالى: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) [السجدة 8]
وخلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات وبدخول المنوي إلى البييضة تتكون النطفة وتعرف هذه العملية في مراحل النطفة بالسلالة حيث يتم اختيار حوين واحد وبييضة واحدة ليتحدا مبتدئين التخلق البشري، ويفقد الحوين المنوي بعد دخوله الخلية ذيله وغطاءه ليذوبا وتندمج المادة الوراثية بعدئذ.
الأمشاج: ويشير الحديث النبوي الشريف إلى أن الإخصاب لا يحدث من كل ماء الذكر، وفي ذلك يقول رسول الله (ما من كل الماء يكون الولد) وهكذا فإن الخلق من الماء يتم من خلال اختيار خاص، والوصف النبوي يحدد بكل دقة كل هذه المعاني التي كشف عنها العلم اليوم
ثالثاً: النطفة الأمشاج:
تأخذ البييضة الملقحة شكل قطرة، ( نطفة الأمشاج) أي قطرة مختلطة من مائين. تعرف علميًا عند بدء تكونها( بالزيجوت = البييضة الملقحة)
ويشير القرآن الكريم إلى النطفة الأمشاج بقوله تعالى: { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج } [سورة الدهر]:
فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تماماً وهي صفة جمع تصف كلمة نطفة المفردة، التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة تحمل صفات الأسلاف والأحفاد لكل جنين
.
وتواصل هذه المرحلة نموها، وتحتفظ بشكل النطفة، ولكنها تنقسم إلى خلايا أصغر تدعى قسيمات جرثومية =(قسيمة أروميةblastomeres ). وبعد أربعة أيام تتكون كتلة كروية من الخلايا تعرف التوتية(morula) وبعد خمسة أيام من الإخصاب تسمى النطفة كيس الجرثومة = كيسَةٌ أُرَيمِيَّة blastocyst) (مع انشطار خلايا التوتية إلى جزئين )
وبالرغم من انقسام النطفة في الداخل إلى خلايا فإن طبيعتها ومظهرها لا يتغيران عن النطفة لأنها تملك غشاءً سميكا يحفظها ويحفظ مظهر النطفة فيها.
وخلال هذه الفترة ينطبق مصطلح ( نطفة أمشاج ) بشكل مناسب تمامًا على النطفة في كافة تطوراتها، إذ إنها تظل كيانًا متعددًا. فهي إلى هذا الوقت جزء من ماء الرجل والمرأة، وتأخذ شكل القطرة فهي نطفة، وتحمل أخلاطًا كثيرة فهي أمشاج
بينما لا يسعفنا مصطلح توتة ( هذا المصطلح الــذي يعنى جسماً مصمتاً لا سائلاً ) بهــذا المعني، كمــا لا تعبر الأرقــام المستعملة الآن عن هذه المعاني
نتاج تكوين النطفة الأمشاج:
أ- الخلق:
وهو البداية الحقيقية لوجود الكائن الإنساني فالمنوي يوجد فيه(23) حاملاً وراثيًا، كما يوجد في البييضة(23) حاملاً وراثيًا أيضًا. ويندمج المنوي في البييضة لتكوين الخلية الجديدة التي تحوي عددًا من الصبغيات ( الكروموسومات ) مساويا” للخلية الإنسانية (46)، وبوجود الخلية التي تحمل هذا العدد من الصبغيات يتحقق الوجود الإنساني، ويتقرر به خلق إنسان. جديد لأن جميع الخطوات التالية ترتكز على هذه الخطوة وتنبثق منها، فهذه هي الخطوة الأولى لوجود المخلوق الجديد.
ب التقدير (البرمجة الجينية):
وبعد ساعات من تخلق إنسان جديد في خلية إنسانية كاملة تبدأ عملية أخرى، تتحدد فيها الصفات التي ستظهر على الجنين في المستقبل ( الصفات السائدة ) كما تحدد فيها الصفات المتنحية التي قد تظهر في الأجيال القادمة، وهكذا يتم تقدير أوصاف الجنين وتحديدها.
وقد أشار القرآن إلى هاتين العمليتين المتعاقبتين ( الخلق والتقدير ) في أول مراحل النطفة الأمشاج في قوله تعالى: { قتل الإنسان ما أكفره ¤ من أي شئ خلقه ¤ من نطفة خلقة فقدره } [سورة عبس] الآيات 17-19.
جـ – تحديد الجنس:
ويتضمن التقدير الذي يحدث في النطفة الأمشاج تحديد الذكورة والأنوثة، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ¤ من نطفة إذا تمني } سورة النجم الآيتان( 45-46 ) فإذا كان المنوي الذي نجح في تلقيح البييضة يحمل الكروموسوم y كانت النتيجة ذكرًا، وإذا كان ذلك المنوي يحمل الكروموسوم x كانت النتيجة أنثى .
هل تصور أحد من البشر أن نطفة الرجل حال الإمناء يتقرر مصيرها وما يخرج منها ذكرا كان أو أنثى ؟! هل يخطر هذا بالبال ؟ من أخبر محمدا أن النطفة بأحد نوعيها (X) أو Y)) هي المسؤولة عن تحديد جنس الجنين ؟ هذه لم تعرف إلا بعد إكتشاف المايكروسكوب الإلكتروني في القرن الماضي !! حيث عرفوا أن الذكورة والأنوثة تتقرر في النطفة وليس في البويضة ، يعني كنا في أوائل القرن العشرين وكانت البشرية بأجمعها لا تعلم أن الذكورة والأنوثة مقررة في النطفة لكن القرآن الذي نزل قبل أربعة عشر قرنا يقرر هذا في غاية الوضوح!
رابعاً: الحرث:
تبقى النطفة إلى ما قبل طور الحرث ( الانغراس ) متحركة وتظل كذلك حين تصير أمشاجًا وبعد ذلك، وبالتصاقها بالرحم تبدأ مرحلة الاستقرار التي أشار إليها الحديث النبوي( يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين يومًا….)
، وفي نهاية مرحلة النطفة الأمشاج ينغرس كيس الجرثومة = كيسَةٌ أُرَيمِيَّة في بطانة الرحم بما يشبه انغــراس البذرة في التربة في عملية حـرث الأرض، وإلى هذه العملية تشير الآية الكريمة: { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } [البقرة 222]
وبهذا الانغراس =التعشيش يبدأ طور الحرث ويكون عمر النطفة حينئذ ستة أيام. وفي الحقيقة تنغرس النطفة( كيس الجرثومة blastocyst) في بطانة الرحم بواسطة خلايا تنشأ منها تتعلق بها في جدار الرحم والتي ستكون في النهاية المشيمة كما تنغرس البذرة في التربة
ويستخدم علماء الأجنة الآن مصطلح ( انغراس) في وصف هذا الحدث، وهو يشبه كثيرا في معناه كلمة الحرث في العربية وطور الحرث هو آخر طور في مرحلة النطفة، وبنهايته ينتقل الحميل من شكل النطفة ويتعلق بجدار الرحم ليبدأ مرحلة جديدة، وذلك في اليوم الخامس عشر وعليه فقد وصف القرآن الكريم كل جوانب مرحلة النطفة من البداية إلى النهاية، مستعملا مصطلحات وصفية علمية دقيقة لكل طور من أطوارها
ويستحيل عمليًا كشف التطورات وعمليات التغير التي تحدث خلال مرحلة النطفة من غير استخدام المجاهر الضخمة، نظرا لصغر حجم النطفة. ولقد حدد القرآن الكريم أول مراحل النطفة بالماء الدافق فقال تعالى:{ فلينظر الإنسان مما خلق ¤ خلق من ماء دافق} [سورة الطارق] الآيتان(6،5) وحدد آخرها بحرث النطفة أي غرسها في القرار المكين. وفي العصر الذي ذكر فيه القرآن هذه المعلومات عن المرحلة الأولى للتخلق البشري، كان علماء التشريح من غير المسلمين يعتقدون أن الإنسان يتخلق من دم المحيض (16) وظل هذا الاعتقاد رائجا حتى اختراع المجهر (microscope) في القرن السابع عشر، والاكتشافات التالية للحيوان المنوي والبييضة، كما ظلت أفكار خاطئة أخرى سائدة حتى القرن الثامن عشر، حيث عرف أن كلا من الحيوان المنوي والبييضة ضروريان للحمل . وهكذا فإنه بعد قرون عــديدة يتمكــن العلــم البشري مــن الوصــول إلى مــا ورد في القــرآن الكــريم والسنة النبوية قبل 1400عام.
وصف الرحم بأنه ( القرار المكين ):
وصف القرآن الكريم النطفة بأدق وصف، ووصف المكان الذي تستقر فيه النطفة بوصفين جامعين معبرين، قال سبحانه وتعالى: (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) [سورة المؤمنون13] فكلمة قرار في الآية تشير إلى العلاقة بين الجنين والرحم فالرحم ـ مكان لاستقرار الجنين أمــا مكــين فهي تشير إلى العــلاقة بين الــرحــم وجسم الأم. يقــول الــزبيدي: قــرّ معناة (استقر واستراح). وكذلك القرار هو مكان يستقر فيه الماء ويتجمع
وقد وصف القرآن الكريم المكان الذي تستقر فيه النطفة في الرحم بأنه قرار.
وقد كشف العلم الكثير من التفاصيل لهذا الوصف الجامع المعبر،
فالرحم للنطفة ولمراحل الجنين اللاحقة سكن لمدة تسعة أشهر
وبالرغم من أن طبيعة الجسم أن يطرد أي جسم خارجي، فإن الرحم يأوي الجنين ويغذيه، وللرحم عضلات وأوعية رابطة تحمي الجنين داخله.
ويستجيب الرحم لنمو الجنين ويتمدد بدرجة كبيرة ليتلاءم مع نموه فهو قرار له
ويحاط الجنين بعدة طبقات بعد السائل الأمينوسي وهي الغشاء الأمينوسي المندمج بالمشيمة، وطبقة العظلات السميكة للرحم ثم جدار البطن، وكل هذا يمد الجنين بمكان مناسب للاستقرار وللنمو الجيد
وهكذا فإن كلمة قرار قد استعملت في القرآن الكريم كل هذه المعاني وغيرها، متضمنة وظائف الرحم باعتباره مكانًا مناسبًا لاستقرار الجنين وتمكينه من مواصلة نموه
أما كلمة مكين فتعني مثبتاً بقوة ( ويذكر كثير من المفسرين هذا المعنى عن تفسير هذه الآية 20) كما تبين آية أخرى من القرآن الكريم معنى ( مكين ) بأنه تمكين بقوة قال تعالى: { فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} أي قوي التمكين. (يوسف:4)
وهذا يشير إلى علاقة الرحم بجسم الأم، وموقعه المثالي لتخلق ونمو كائن جديد، وذلك للأسباب التالية:
1- موضع الرحم في حوض المرأة العظمي ، وهو محمي أيضاً بأربطة وصفاقات تمسك الرحم من جوانبه وتسمح له أيضاً بالحركة والنمو حتى أن حجمه يتضاعف مئات المرات في نهاية الحمل .
2- عضلات الحوض والعجان تحفظ الرحم في مكانه.
3- ويساهم في استقرار الرحم إفراز هرمون الحمل (البروجسترون) الذي يجعل انقباضات الرحم بطيئة .
4- كما أن الجنين داخل الرحم محاط بأغشية مختلفة تنتج سائلاً أمنيوسياً يسبح فيه الجنين ويمنع عنه تأثير الرضوض الخارجية .
وهكذا فإن كل وصف يتضمن العلاقة بين الجنين والرحم وبين الرحم وجسم الأم، قد أدخل في معنى الكلمتين قرار و مكين اللتين تعبران تعبيرًا تامًا عن حقيقة الرحم ووظائفه الدقيقة ولا يفطن إلى أهمية هذين الوصفين إلا من له علم بحاجات نمو الجنين، وحاجات الرحم، لمواكبة هذا النمو حتى يخرج سليمًا. حيث يقول تعالى ( فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ . إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ . فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) ( المرسلات :21-23) . صدق الله العظيم[/b]
{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ¤ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ¤ ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [سورة المؤمنون13-14]
والمرحلة الأولى التي ستكون موضوع بحثنا من هذه المراحل هي مرحلة النطفة
النطفة” لغوياً هي القليل من الماء أو قطرة الماء ، وهذا يطابق ماء الرجل الذي يحوي الحيوانات المنوية كجزء منه . والحيوان المنوي ينسل من الماء المهين (المني) وشكل الحيوان المنوي (النطفة) كالسمكة الطويلة الذيل (وهذا أحد معاني لفظة سلالة)
. يقول تعالى ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ) (السجدة :7-8) .
ويشير إلى ذلك ما رواه أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (مر يهودي برسول الله وهو يحدث أصحابه فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شئ لا يعلمه إلا نبي، قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد مم يخلق الإنسان ؟ فقال رسول الله يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة)
ويبدأ مصطلح النطفة من المنوي والبييضة وينتهي بطور الحرث (الانغراس)، وتمر النطفة خلال تكونها بالأطوار التالية
أولاً: الماء الدافق:
يخرج ماء الرجل متدفقًا ويشير إلى هذا التدفق قوله تعالى: (فلينظر الإنسان مم خلق ¤ خلق من ماء دافق) ( الطارق 5،6)
ومما يلفت النظر أن القرآن يسند التدفق للماء نفسه مما يشير إلى أن للماء قوة دفق ذاتية وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب
كل حوين له رأس بيضوي بارز قليلاً وجسم قصير وذيل متحرك له القدرة على الحركة التي تساعده على الوصول إلى مكان الإخصاب.
وقد أثبت العلم أيضا أن ماء المرأة الذي يحمل البييضة يخرج متدفقًا إلى قناة الرحم (فالوب)وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتي يتم الإخصاب
ومن المعلوم أن ماء الرجل مادة (البرستاجلاندين)، التي تحدث تقلصات في الرحم مما يساعد في نقل المنويات إلى موقع الإخصاب
كما أن ماء المرأة يحوي بالإضافة إلى البييضة عناصر أخرى تساعد وتشارك في عملية الإخصاب ومنها بعض الإنزيمات التي تفرزها بطانة الرحم وقناته، التي تجعل المنوي قادرا على الإخصاب وذلك بإزالة البروتين السكري من رأسه وتعمل هذه الأنزيمات بالإضافة إلى ذلك على إطلاق الخلايا المحيطة بالبييضة وكشف غشائها الواقي أمام المنوي
وبما أن لفظ نطفة بمعنى الكمية القليلة من السائل، فإن هذا المصطلح يغطي ويصف تلك الكميات من السوائل التي تخرج متدفقة لدى كل من الذكر والأنثى.
ثانياً: السلالة:
يأتي لفظ سلالة في اللغة بمعان منها انتزاع الشئ وإخراجه في رفق ، كما تعني أيضًا السمكة الطويلة. أما الماء المهين فالمراد به هنا ( أي في طور السلالة ) ماء الرجل.
وإذا نظرنا إلى السائل المنوي فسنجده سلالة تستخلص من ماء الرجل وعلى شكل السمكة الطويلة، ويستخرج برفق من الماء المهين
بييضة محاطة بالحوينات المنوية التي تندفع بنشاط نحوها،وعندما يفلح إحداها في إحداث الإخصاب يكون قد اختير وتبدأ بذلك مرحلة السلالة من النطفة
ويشير القرآن الكريم إلى ذلك كله في قوله تعالى: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) [السجدة 8]
وخلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات وبدخول المنوي إلى البييضة تتكون النطفة وتعرف هذه العملية في مراحل النطفة بالسلالة حيث يتم اختيار حوين واحد وبييضة واحدة ليتحدا مبتدئين التخلق البشري، ويفقد الحوين المنوي بعد دخوله الخلية ذيله وغطاءه ليذوبا وتندمج المادة الوراثية بعدئذ.
الأمشاج: ويشير الحديث النبوي الشريف إلى أن الإخصاب لا يحدث من كل ماء الذكر، وفي ذلك يقول رسول الله (ما من كل الماء يكون الولد) وهكذا فإن الخلق من الماء يتم من خلال اختيار خاص، والوصف النبوي يحدد بكل دقة كل هذه المعاني التي كشف عنها العلم اليوم
ثالثاً: النطفة الأمشاج:
تأخذ البييضة الملقحة شكل قطرة، ( نطفة الأمشاج) أي قطرة مختلطة من مائين. تعرف علميًا عند بدء تكونها( بالزيجوت = البييضة الملقحة)
ويشير القرآن الكريم إلى النطفة الأمشاج بقوله تعالى: { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج } [سورة الدهر]:
فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تماماً وهي صفة جمع تصف كلمة نطفة المفردة، التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة تحمل صفات الأسلاف والأحفاد لكل جنين
.
وتواصل هذه المرحلة نموها، وتحتفظ بشكل النطفة، ولكنها تنقسم إلى خلايا أصغر تدعى قسيمات جرثومية =(قسيمة أروميةblastomeres ). وبعد أربعة أيام تتكون كتلة كروية من الخلايا تعرف التوتية(morula) وبعد خمسة أيام من الإخصاب تسمى النطفة كيس الجرثومة = كيسَةٌ أُرَيمِيَّة blastocyst) (مع انشطار خلايا التوتية إلى جزئين )
وبالرغم من انقسام النطفة في الداخل إلى خلايا فإن طبيعتها ومظهرها لا يتغيران عن النطفة لأنها تملك غشاءً سميكا يحفظها ويحفظ مظهر النطفة فيها.
وخلال هذه الفترة ينطبق مصطلح ( نطفة أمشاج ) بشكل مناسب تمامًا على النطفة في كافة تطوراتها، إذ إنها تظل كيانًا متعددًا. فهي إلى هذا الوقت جزء من ماء الرجل والمرأة، وتأخذ شكل القطرة فهي نطفة، وتحمل أخلاطًا كثيرة فهي أمشاج
بينما لا يسعفنا مصطلح توتة ( هذا المصطلح الــذي يعنى جسماً مصمتاً لا سائلاً ) بهــذا المعني، كمــا لا تعبر الأرقــام المستعملة الآن عن هذه المعاني
نتاج تكوين النطفة الأمشاج:
أ- الخلق:
وهو البداية الحقيقية لوجود الكائن الإنساني فالمنوي يوجد فيه(23) حاملاً وراثيًا، كما يوجد في البييضة(23) حاملاً وراثيًا أيضًا. ويندمج المنوي في البييضة لتكوين الخلية الجديدة التي تحوي عددًا من الصبغيات ( الكروموسومات ) مساويا” للخلية الإنسانية (46)، وبوجود الخلية التي تحمل هذا العدد من الصبغيات يتحقق الوجود الإنساني، ويتقرر به خلق إنسان. جديد لأن جميع الخطوات التالية ترتكز على هذه الخطوة وتنبثق منها، فهذه هي الخطوة الأولى لوجود المخلوق الجديد.
ب التقدير (البرمجة الجينية):
وبعد ساعات من تخلق إنسان جديد في خلية إنسانية كاملة تبدأ عملية أخرى، تتحدد فيها الصفات التي ستظهر على الجنين في المستقبل ( الصفات السائدة ) كما تحدد فيها الصفات المتنحية التي قد تظهر في الأجيال القادمة، وهكذا يتم تقدير أوصاف الجنين وتحديدها.
وقد أشار القرآن إلى هاتين العمليتين المتعاقبتين ( الخلق والتقدير ) في أول مراحل النطفة الأمشاج في قوله تعالى: { قتل الإنسان ما أكفره ¤ من أي شئ خلقه ¤ من نطفة خلقة فقدره } [سورة عبس] الآيات 17-19.
جـ – تحديد الجنس:
ويتضمن التقدير الذي يحدث في النطفة الأمشاج تحديد الذكورة والأنوثة، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ¤ من نطفة إذا تمني } سورة النجم الآيتان( 45-46 ) فإذا كان المنوي الذي نجح في تلقيح البييضة يحمل الكروموسوم y كانت النتيجة ذكرًا، وإذا كان ذلك المنوي يحمل الكروموسوم x كانت النتيجة أنثى .
هل تصور أحد من البشر أن نطفة الرجل حال الإمناء يتقرر مصيرها وما يخرج منها ذكرا كان أو أنثى ؟! هل يخطر هذا بالبال ؟ من أخبر محمدا أن النطفة بأحد نوعيها (X) أو Y)) هي المسؤولة عن تحديد جنس الجنين ؟ هذه لم تعرف إلا بعد إكتشاف المايكروسكوب الإلكتروني في القرن الماضي !! حيث عرفوا أن الذكورة والأنوثة تتقرر في النطفة وليس في البويضة ، يعني كنا في أوائل القرن العشرين وكانت البشرية بأجمعها لا تعلم أن الذكورة والأنوثة مقررة في النطفة لكن القرآن الذي نزل قبل أربعة عشر قرنا يقرر هذا في غاية الوضوح!
رابعاً: الحرث:
تبقى النطفة إلى ما قبل طور الحرث ( الانغراس ) متحركة وتظل كذلك حين تصير أمشاجًا وبعد ذلك، وبالتصاقها بالرحم تبدأ مرحلة الاستقرار التي أشار إليها الحديث النبوي( يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين يومًا….)
، وفي نهاية مرحلة النطفة الأمشاج ينغرس كيس الجرثومة = كيسَةٌ أُرَيمِيَّة في بطانة الرحم بما يشبه انغــراس البذرة في التربة في عملية حـرث الأرض، وإلى هذه العملية تشير الآية الكريمة: { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } [البقرة 222]
وبهذا الانغراس =التعشيش يبدأ طور الحرث ويكون عمر النطفة حينئذ ستة أيام. وفي الحقيقة تنغرس النطفة( كيس الجرثومة blastocyst) في بطانة الرحم بواسطة خلايا تنشأ منها تتعلق بها في جدار الرحم والتي ستكون في النهاية المشيمة كما تنغرس البذرة في التربة
ويستخدم علماء الأجنة الآن مصطلح ( انغراس) في وصف هذا الحدث، وهو يشبه كثيرا في معناه كلمة الحرث في العربية وطور الحرث هو آخر طور في مرحلة النطفة، وبنهايته ينتقل الحميل من شكل النطفة ويتعلق بجدار الرحم ليبدأ مرحلة جديدة، وذلك في اليوم الخامس عشر وعليه فقد وصف القرآن الكريم كل جوانب مرحلة النطفة من البداية إلى النهاية، مستعملا مصطلحات وصفية علمية دقيقة لكل طور من أطوارها
ويستحيل عمليًا كشف التطورات وعمليات التغير التي تحدث خلال مرحلة النطفة من غير استخدام المجاهر الضخمة، نظرا لصغر حجم النطفة. ولقد حدد القرآن الكريم أول مراحل النطفة بالماء الدافق فقال تعالى:{ فلينظر الإنسان مما خلق ¤ خلق من ماء دافق} [سورة الطارق] الآيتان(6،5) وحدد آخرها بحرث النطفة أي غرسها في القرار المكين. وفي العصر الذي ذكر فيه القرآن هذه المعلومات عن المرحلة الأولى للتخلق البشري، كان علماء التشريح من غير المسلمين يعتقدون أن الإنسان يتخلق من دم المحيض (16) وظل هذا الاعتقاد رائجا حتى اختراع المجهر (microscope) في القرن السابع عشر، والاكتشافات التالية للحيوان المنوي والبييضة، كما ظلت أفكار خاطئة أخرى سائدة حتى القرن الثامن عشر، حيث عرف أن كلا من الحيوان المنوي والبييضة ضروريان للحمل . وهكذا فإنه بعد قرون عــديدة يتمكــن العلــم البشري مــن الوصــول إلى مــا ورد في القــرآن الكــريم والسنة النبوية قبل 1400عام.
وصف الرحم بأنه ( القرار المكين ):
وصف القرآن الكريم النطفة بأدق وصف، ووصف المكان الذي تستقر فيه النطفة بوصفين جامعين معبرين، قال سبحانه وتعالى: (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) [سورة المؤمنون13] فكلمة قرار في الآية تشير إلى العلاقة بين الجنين والرحم فالرحم ـ مكان لاستقرار الجنين أمــا مكــين فهي تشير إلى العــلاقة بين الــرحــم وجسم الأم. يقــول الــزبيدي: قــرّ معناة (استقر واستراح). وكذلك القرار هو مكان يستقر فيه الماء ويتجمع
وقد وصف القرآن الكريم المكان الذي تستقر فيه النطفة في الرحم بأنه قرار.
وقد كشف العلم الكثير من التفاصيل لهذا الوصف الجامع المعبر،
فالرحم للنطفة ولمراحل الجنين اللاحقة سكن لمدة تسعة أشهر
وبالرغم من أن طبيعة الجسم أن يطرد أي جسم خارجي، فإن الرحم يأوي الجنين ويغذيه، وللرحم عضلات وأوعية رابطة تحمي الجنين داخله.
ويستجيب الرحم لنمو الجنين ويتمدد بدرجة كبيرة ليتلاءم مع نموه فهو قرار له
ويحاط الجنين بعدة طبقات بعد السائل الأمينوسي وهي الغشاء الأمينوسي المندمج بالمشيمة، وطبقة العظلات السميكة للرحم ثم جدار البطن، وكل هذا يمد الجنين بمكان مناسب للاستقرار وللنمو الجيد
وهكذا فإن كلمة قرار قد استعملت في القرآن الكريم كل هذه المعاني وغيرها، متضمنة وظائف الرحم باعتباره مكانًا مناسبًا لاستقرار الجنين وتمكينه من مواصلة نموه
أما كلمة مكين فتعني مثبتاً بقوة ( ويذكر كثير من المفسرين هذا المعنى عن تفسير هذه الآية 20) كما تبين آية أخرى من القرآن الكريم معنى ( مكين ) بأنه تمكين بقوة قال تعالى: { فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} أي قوي التمكين. (يوسف:4)
وهذا يشير إلى علاقة الرحم بجسم الأم، وموقعه المثالي لتخلق ونمو كائن جديد، وذلك للأسباب التالية:
1- موضع الرحم في حوض المرأة العظمي ، وهو محمي أيضاً بأربطة وصفاقات تمسك الرحم من جوانبه وتسمح له أيضاً بالحركة والنمو حتى أن حجمه يتضاعف مئات المرات في نهاية الحمل .
2- عضلات الحوض والعجان تحفظ الرحم في مكانه.
3- ويساهم في استقرار الرحم إفراز هرمون الحمل (البروجسترون) الذي يجعل انقباضات الرحم بطيئة .
4- كما أن الجنين داخل الرحم محاط بأغشية مختلفة تنتج سائلاً أمنيوسياً يسبح فيه الجنين ويمنع عنه تأثير الرضوض الخارجية .
وهكذا فإن كل وصف يتضمن العلاقة بين الجنين والرحم وبين الرحم وجسم الأم، قد أدخل في معنى الكلمتين قرار و مكين اللتين تعبران تعبيرًا تامًا عن حقيقة الرحم ووظائفه الدقيقة ولا يفطن إلى أهمية هذين الوصفين إلا من له علم بحاجات نمو الجنين، وحاجات الرحم، لمواكبة هذا النمو حتى يخرج سليمًا. حيث يقول تعالى ( فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ . إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ . فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) ( المرسلات :21-23) . صدق الله العظيم[/b]